الوصايا الاربعون | الشيخ حبيب الكاظمي
س/ ما هي العلاقة بين القراءة الواعية للقرآن الكريم، وبين تحقيق الكمال والقرب من المولى تعالى؟..
إن العلاقة واضحة وبديهية!.. فإن القرآن الكريم كتاب التزكية والتعليم، أنزله رب العالمين، لإخراجنا من الظلمات إلى النور.. ولكن استخراج القواعد من القرآن الكريم، يكون من خلال القراءة الواعية!..
ولذا نحن ننصح أن تكون قراءة المؤمن للقرآن الكريم، كقراءة إنسان لكتاب طبي فيه ذكر لأمراض هو مبتلى بها.. إذ أنه عندما يقرأ وصف المرض وعلاجه، فإنه يقرأه بتلهف وشوق شديد، لأن هذه المعرفة ستعينه على عملية العلاج.
إن قراءة القرآن الكريم بالترتيل مطلوبة شرعا، ولاشك أنه يترتب عليها الثواب الجزيل.. ولكن هنالك فرق بين الترتيل للقرآن الكريم لأخذ الثواب، وبين من يقرأ القرآن الكريم، ليستثير به دواء دائه.. ومن المعلوم أن من صفات النبي (ص) -كما ورد في النصوص المباركة عن أهل البيت (ع)- أنه: (دوار بطبه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه).. ولكن ذلك، بأي وسيلة؟.. إن النبي (ص) كانت وسيلته القرآن الكريم.. فالذي لا صلة له بالقرآن الكريم تدبرا وتمعنا، فإنه مقطوع الصلة بالبحر الأصلي، وسوف يعيش التخبط في حياته.
ومع الأسف، إن بعض الذين يدعون الكمالات الروحية أو ما شابه، لا يتقنون حتى القراءة الظاهرية للقرآن الكريم، ولا يعلمون قسما كبيرا من مفرداته!..
لا يشك أحد أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا، هو كتاب رب العالمين!.. فالمؤمن لا يطيق هجر كتاب ربه، بل إن من برامجه اليومية أنه يخصص وقتا للتدبر في كتاب ربه.. فلو أنه يقرأ تفسير جزء واحد في الشهر بتمعن شديد، فيكون في خلال ثلاثين شهرا، قد تمعن في القرآن كله، تمعنا شديدا.. فكيف إذا في كل أسبوع يقرأ، إذن هو في ثلاثين أسبوع، يكون قد مر على المعاني القرآنية الراقية.. ومن المعروف أن الذي له صلة بالقرآن: تلاوة، وتدبرا، ومراجعة للتفاسير؛ فإنه بعد فترة يرى شيئا في باطنه.
إلا أن البعض يتكاسل في قراءة القرآن وتدبر معانيه، بعذر أنه مع قراءته الكثيرة، لا يجتمع عنده شيء، وينسى كل ما قرأه!..
والجواب: أن ما يقرأه يكون مخزنا في اللاشعور، وتأتيه المعلومة عندما هو يحتاج إليها..
أضف أن تلاوة القرآن، تعطي نورا باطنيا.. فليس من الضروري أن يتذكر الإنسان المؤمن كل ما قرأه في تفسير القرآن.. فنفس أن يفتح كتاب تفسير القرآن، ويتدبر في معانيه، يعطيه نورا باطنيا، وهذا النور الباطني ينفعه في فهم القرآن.. فهو لما يرجع مرة ثانية يقرأ القرآن، فإنه يقرأ بنور إلهي خاص ومضاعف في هذا المجال.
أقرأ ايضا في
شبكة عشق الروحية