الترقي المعنوي وتحصيل المقامات| الشيخ بهجت
يقول الله تبارك وتعالى : " يحبهم ويحبونه " . المائده 54ويقول أيضاً : " والذين آمنوا أشد حباً لله " . البقرة 165 ويقول أيضاً : " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " . آل عمران 31 . ومع كل هذا ، فإنّ بعضاً من العامة ينكرون الحبّ بين الله وعباده ! . ويقولون بأنّ حبّ العبد لله يعنى إطاعة أوامره ، وحبّ الله لعبده هو ثوابه وجزاء أعماله .وقد جاء في إحدى الروايات : " إن من أحب عباد الله إليه عبداً أعانه على نفسه فاستشعر الحزن وتجلبب الخوف " . نهج البلاغه : الخطبة 87 . بحار الأنوار 2/56 . غرر الحكم 191
الترقي المعنوي وتحصيل المقامات
هل من الممكن أن يصلح عملنا ، ونصل إلى مقامات الكمال والمعرفة ، من غير أن نترك الدنيا ، ونرفع أيدينا عن حياتنا الإجتماعية ، وعن أعمالنا وحرفنا ؟!
ومن غير أن نذهب إلى المغارات والصحاري ، ونعتزل فيها باستمرار عن الناس والمجتمع ، لنشتغل بتأدية العبادات المعهودة والأدعية والأوراد المأثورة ؟!
مع أنه يمكن إجمالاً الإستفادة من الآية الشريفة : " ورهبانية ابتعدوها ما كتبناهاعليهم إلا ابتغاء رضوان الله " الحديد 27 .
رضا الله سبحانه بالرهبانية .
إن الإنسان الذي يمارس عملاً اجتماعياً لا يستطيع أداء الأدعية والعبادات .... ألخ .
فهل الطريق هو الإستغناء عن هذا العمل الإجتماعي ، والخلوة لأداء الذكر والعبادات أو ( المطلوب هو ) " كن في الناس ولا تكن معهم " ( بحار الانوار 75/ 98 ؟
فهل يمكن أداء العبادات من قبيل قراءة القرآن والصلاة ...ألخ . التي لا حدود لها مع وجود الاشتغالات الإجتماعية ؟ وطبعاً كان يوجد من يختم القرآن في يوم وليلة .
وهل يوجد شئ يكون بديلاً عن الأعمال الثقيلة التّي يؤديها المرتاضون ، شئ يمكن الإتيان به مع ممارسة العمل الإجتماعي والوجود في المجتمع ، من غير أن ينزوي الإنسان عن المجتمع ، ويتخلّى عن لوازم الحياة الإجتماعية كالزواج وتكفّل معيشة الأفراد واجبي النفقة ؟! إضافة إلى أنه من المتعسّر حقاً أن يستطيع الإنسان أن يقسّم أمواله بين أهله وأولاده في زمان حياته وينزوي في المجتمع ، وأساساً هل يجوز مثل هذا العمل أم لا ؟ لأنّه ربما أدّى إلى ترك الواجبات .
وعلى كل حال ، هل يوجد طريق يستطيع الإنسان بواسطته ومن دون ترك الدنيا أن يكون مأموناً من سخط الله وغضبه ، ومطمئناً إلى رضاه ، ويصل من خلاله إلى نتيجة عمل الرهبان تاركي الدنيا ، أي " ابتغاء رضوان الله " ؟ الحديد 27
أي يكون نظير الشخص الذي لا رهبانية له وهو في المجتمع ويأتي بالمندوبات والمستحبات العادية فقط ولكنّه يحصل على نفس نتيجة الأعمال الطويلة والشاقة لأولئك ؟
فهل يمكن مثل هذا الشئ ؟ وهل يوجد طريق غير طريق تحمّل الأعمال الشاقة التي يأتي بها المرتاضون ؟ لأن كثيراً من العلماء الأجلّاء جداً كانوا في وسط المجتمع ويشتغلون بالدروس الحوزوية المتعارفة من قبيل البحث والمطالعة .. ألخ