قيمة العلم والعمل | الشيخ بهجت
______________________
يبدو أننا لا نمتلك أي نقص سوى العلم والعمل، فإذا كان العلم والعمل معاً، فإننا لا ينقصنا بعدها شيء لماذا؟.. لأن ﴿ َالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾. فإذا لم يهمل الإنسان ما يعلم، وتوقف واحتاط فيما لا يعلم حتى يعلم، فهو في الكمال، ولكنه إذا أهمل ما يعلم ولم يتقيد فيما لا يعلم، واتجه نحو جميع الجهات؛ فإنه لا يصل إلى المبتغى والغاية المنشودة. ولهذا إذا عمل الإنسان بما يعلم فعليه أن لا ينتظر شيئاً، وليترك بقية الأمر على الله تعالى، والأدلة والسبل التي مهدت الطريق سابقاً، فإنها ستمهد الطريق لاحقاً أيضاً.. فإذا لم تتسامح في الأمر، وإذا كنت مشترياً لهذه الهداية وكانت هذه السلعة ثمينة عندك؛ فأعلم أن ﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ هي الدعامة والسند لحركتك.
إذن (من عمل بما علم، ورثه الله ما لم يعلم)، قال تعالى: (لا عليك نحن نمهد لك الطريق ونخبرك بوقتها) وهذا هو المعنى الكامن في عبارة ﴿ َالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا﴾ وإذا ﴿ جَاهَدُوا﴾ من غير علم فالحركة عقيمة، و﴿ َلَنَهْدِيَنَّهُمْ﴾ لا تكون في المعلومات بل هي في المجهولات.
فماذا تنتظرون؟.. هل نعمل بدون علم، أو في غير معلوم؟.. وإذا لم نعمل، فهل نطلب علم ما لا نريد العمل به؟!..
وينبغي أيضاً أن لا نتوقف في العمل. ولا يتحقق هذا الهدى وتهذيب النفس من دون علم، والعلم أيضاً من دون عمل لا نفع فيه.
فإذا تقارن العمل مع العلم، فستظهر جميع الآثار النافعة. ومن جملة العلم أن لا يعلم الإنسان من بداية الأمر بأنه ينبغي أن يحتاط في الأمور التي لا يعلمها، والاحتياط ليس أمراً محرماً!.. بل الاحتياط- في الواقع- واجب في الكثير من الأحيان، وليس فيه أيضاً عسر وحرج.