الشيخ حبيب الكاظمي | الحياة الزوجية
إن هذه الحلقات تتناول الوصايا الأربعين المتعلقة بالحياة الزوجية، تحت شعار (نحو حياة زوجية سعيدة).. وهي مكملة للوصايا الأربعين المتناولة لشؤون تربية النفس.
مقدمة :
لابد لمن يريد أن يصل إلى مستوى من مستويات التكامل والقرب من الله عزوجل، أن يعمل على حقلين: الأول: إيجاد المقتضيات -أي الدوافع-، والثاني: رفع الموانع.. ومن المعلوم أن المقتضيات في حياة الإنسان المؤمن كثيرة، فإن الإنسان المؤمن من الممكن أن يوجد المقتضيات الكافية للسير إلى الله عزوجل، من تهيئة العناصر الضرورية للتقرب إليه، ومن خلق أجواء عبادية تأملية.. ولكن المشكلة تأتي من خلال الموانع التي لا تُتوقع!.. ومن روافد الموانع بالنسبة إلى الحركة التكاملية: مسألة الخلاف الزوجي، والخلاف العائلي، والخلاف الاجتماعي.. إذ نلاحظ أن المؤمن إذا ابتلى بإحدى هذه الصور من الخلاف؛ فإن كثيرا من جهوده في هذا المجال تصادر.. ومن هنا عليه أن ينزع فتيل الانفجار، أو يحاول أن يقضي على كل بؤرة من بؤر الفساد المتوقعة في حياته بشكل عام.
ولا يخفى أن الشيطان اللعين يهمه الإنسان المؤمن، وكلما زاد إيمانه كلما زاد طمعه؛ لأنه مطرود من رحمة الله عزوجل، ويريد الانتقام، وما دام فاته الانتقام من آدم والأنبياء والمرسلين والصلحاء والمخلَصين، فإنه يركز جهوده على الأتباع الموجودين.. ومن أفضل صور السيطرة الشيطانية على الإنسان، هو: الدخول من خلال الحياة الزوجية.. ومما يسهل عليه ذلك، استغلاله لطبيعة المرأة العاطفية.. إن العاطفة والرقة جانب حسن؛ ولكن -مع الأسف- الشيطان يحاول أن يسيء الاستفادة من هذا المجال، فيحاول أن يخلق جواً من المشاكسة والتوتر بين الزوجين.. ومن الأمور التي تحقق له حالة من حالات السرور القصوى، فيرتفع ويباهي أبالسته -كما في مضمون الروايات-، فيما لو فرق بين مؤمن ومؤمنة.
وينبغي أن نلتفت أنه إذا وجد خلاف بين مؤمن ومؤمنة، فإن الخلاف يتحول إلى اختلاف، وبالتالي إلى خصام، وكما ورد في الحديث: (من بالغ في الخصومة ظلم، ومن قصّر ظلم، ولا يستطيع أن يتقي الله من يخاصم).. إن الشهوة والغضب سحابتان داكنتان، وإذا سيطرتا على أرض، فإنها تحجب الإنسان عن النظر إلى الشمس.. هذه حقيقة لا تنكر.. ولهذا نلاحظ بأن المؤمن الصالح عندما يترقى في الإيمان درجة، والشيطان ييأس من الدخول إلى مملكته، فإنه يحاول أن يجد ثغرة من خلال ولده، أو من خلال أبويه...؛ يرى أضعف النقاط في حياته الاجتماعية، والزاوية التي يمكن أن يأتي من خلالها؛ ويحاول أن يقضي على الإنسان من خلال تلك النقطة.. فعلينا أن نراقب هذه الثغرات الضعيفة، أو الزوايا الحساسة الهشة، التي يمكن أن يُؤتى من خلالها الإنسان.