الشيخ حبيب الكاظمي | تحكيم الشريعة
بما أن الخلاف أمر طبيعي ومن المستحيل الاتفاق بشكل كامل؛ فإذن، لابد من الاتفاق بينهما على تعيين حكم تكون له كلمة الفصل، وهذا الحكم ليس هو الزوج ولا الزوجة -إذ لا يعقل أن يكون الخصم هو نفسه القاضي!..-، ولا أهل الزوج ولا أهل الزوجة.. لابد من وجود حكم خارج هذه الدائرة، وهو أن يعرض الخلاف على ميزان الشريعة، فما وافق الشريعة فإنه يكون الحد الفاصل لحسم الخلاف وخضوع الطرف الآخر.. والقرآن الكريم في آية صريحة يقسم بأنه من علامات الإيمان هو القبول بهذه الحاكمية، ولا يكتفي بذلك القبول الظاهري فقط، بل أيضاً أن لا يجد الإنسان في نفسه شيئاً ويسلم تسليماً كاملاً: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}.
فإذا كان الحكم هو الشرع المقدس -الذي لا ينحاز إلى باطل أبداً-، فهل تخاف الزوجة من المستقبل في حياتها الزوجية؟.. فإنه من المعلوم أن من مصادر التوتر في الحياة، هو دائماً الخوف من المستقبل المجهول.. ولهذا عندما تُسأل الفتاة التي تزوجت شاباً مؤمناً، أو يُسأل الشاب المؤمن عندما تزوج فتاة مؤمنة؛ ترى أن الجواب فيه حالة من القلق من المستقبل، لأنه لا يعلم أنه هل ستستمر هذه العلاقة مستقبلاً كما هي الآن أو لا!.. وعليه، فإن الذي يُطمئن الزوجين، هو هذه الحكمية؛ لأنهما يعلمان أن القرار الأخير في الحياة الزوجية وغير الحياة الزوجية، هو رب العالمين من خلال شريعته.