الشيخ حبيب الكاظمي | الفرق بين المودة والرحمة
إن المودة والرحمة بحسب الظاهر لفظتان قريبتان في المعنى، ولكنهما في الحقيقة متفاوتتان.. فإن الرحمة -والله العالم- حالة أرقى من حالة المودة، إذ أن فيها نفسا إنسانيا، وفيها نفسا تجريديا.. قد تكون المودة مبتنية على بعض المصالح الغريزية وما شابه ذلك، ولكن الرحمة حالة إنسانية راقية.. إن الحياة الزوجية تقوم على أساس المودة، التي تأتي من روافد عديدة، منها: الغريزة، وطلب النسل، والاستقرار في الحياة، وتدبير الأمور المعيشية اليومية؛ ولكن الرحمة تبقى لا تتأثر بالعوامل اليومية.. والدليل على أن هذه الرحمة حالة إنسانية راقية، هو أنها تنقدح في نفس الإنسان حتى تجاه الحيوانات.. ونحن نجل حتى الكافر الذي يرق على الحيوان، فهذه حركة إنسانية، ومن المعلوم أن الله عزوجل قد يثيبه بنوع من الثواب، ولو تخفيفاً للعقاب مثلاً، أو تعجيلاً لبعض المثوبات في الحياة الدنيا.. ولكن هذه الحالة من الشفقة والرحمة، إذا وجدت بالإضافة إلى المودة، وبالإضافة إلى الجهات الغريزية، والحاجة اليومية؛ فإن هذا المعجون بمثابة الصلب أو البناء المحكم الذي لا يمكن أن ينهدم مع تقادم الأيام.