أقسام الصبر:
أولا: الصبر على الطاعة: نحن لا ننكر أن بعض الطاعات تحتاج إلى تحمل، وخاصة لبعض الظروف والحالات.. كالبعض الذي هو مبتلى بمرض لا يرفع عنه تكليف أداء فريضة الحج، فإن هذا كم يعاني ويتحمل، لأجل تأدية هذه الفريضة!.. وإن قيام الليل وصلاة الفجر، كم هو ثقيل وشاق على بعض الشباب، ويحتاج إلى مجاهدة، لمغالبة سلطان النوم!.
ثانيا: الصبر عن المعصية: لا شك أن بعض المعاصي لها جاذبيتها وإغراؤها.. لك أن تتصور شابا في بلاد الغرب، بعيدا عن أهله، بلا رقيب ولا حسيب، ويبتلى بإغراء كإغراء زليخا ليوسف (ع).. إن هذا الشاب كم يعيش حالة المعاناة لتجاوز هذا الحرام!.
ثالثا: الصبر على المصائب: من المعلوم أن من أعظم المصائب-ترتيبا الأشد فالأقل-: فقد الأعزة, ثم مصيبة البدن، ثم فقد المال.. فالذي لا يتحمل هذه الوديان الثلاثة من الصبر، فإنه في يوم من الأيام قد يتراجع، ولا يكمل المهمة.
إن الإنسان قد ينوي ويعزم على الصبر، ولكنه في مقام العمل قد تخونه نفسه، فحاله مثل ما يقول الإمام زين العابدين (ع): (ما لي كلما قلت قد صلحت سريرتي، وقرب من مجالس التوابين مجلسي، عرضت لي بلية أزالت قدمي؟!).. فكيف يوطن الإنسان نفسه على حالة الصبر؟..
إن من موجبات الصبر: معرفة عظمة وحلاوة النتيجة.. ما الذي يجعل الشاب الذي كان إلفه اللهو واللعب، في ليلة الامتحان يصبر على الدراسة، ويسهر إلى الصباح؟.. أليس لرغبته في النجاح؟.. إن الرغبة في حياة سعيدة أبدية، في النعيم المقيم، أليست هي أمنية عالية جدا؟..
نحن نقول: إن دخول الجنة ليس بصعب جدا: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}؛ بل إن المهم هو المنافسة في الدرجات.. وكم هي خسارة أن يبقى الإنسان أبد الآبدين، في رتبة نازله من الجنة!.. ألا يتمنى أن يكون في رتبة قريبة من الأنبياء والشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقا؟!.. والقرآن الكريم يحثنا على أن نعمل في هذه الدنيا، ما يجعلنا من رفقاء النبي (ص).
فعليه، إن الذي يريد الوصول إلى هذا الهدف، أيصعب عليه أن يصبر على حلاوة محرمة، أو نظرة محرمة، أو غناء محرم؟..
إذن، إن تصور النتائج المذهلة
أو الأبدية، قطعا من موجبات توطين النفس على الصبر على الطاعة، والمعصية، والمصيبة.الشيخ حبيب الكاظمي الوصية 3- حقيقة الصبر