الوصايا الاربعون | الشيخ حبيب الكاظمي
______________________________
س/من المعلوم أن السالك في أول الطريق، قد تتراءى له بعض الثمار، فتأخذه الرغبة الجامحة في طلبها.. فكيف يصبر عن هذه الثمار؟..
هنالك أبحاث دقيقة في كتب الأخلاق، يعبر عنها بحظوظ وميول النفس، تشير إلى إن الإنسان من الممكن أن لا يعطى حظه النفسي، أي لا يرى شيئا يتعلق في نفسه.. فهو قد قام بالمجاهدة والعبودية سنوات طويلة من عمره، ولكنه لم ير نتيجة واضحة، وثمرة محسوسة، مثلا: لم ير نورا، لم يستشم رائحة، لم يستجاب دعاؤه...
ونحن نقول: إن الإنسان المؤمن فوق هذا المعنى، فهو عليه أن يقوم بوظائف العبودية، ولا يتدخل في شؤون الربوبية.. فيخطئ-مثلا- من يقول: أنا شاب وتركت المعاصي والذنوب، وذهبت إلى الحج، لأصل إلى من أهواها، وما وصلت إليها!..
فليس هذا هو الهدف، وإنما الهدف أن نكون لله تعالى عبيدا، والعبد بين يدي مولاه لا يقترح عليه!.. وشعاره -دائما وأبدا- أنه أعلم بما يصلح له: (ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور).. فإن المؤمن -دائما وأبدا- عينه على إرضاء المولى تعالى، لا على إرضاء النفس، وكسب المزايا.
ومن الملاحظ أن من أكثر الكتب رواجا -هذه الأيام- هي كتب الكرامات، والمنامات، والختومات.. فالبعض مولع بمسألة الختومات والأذكار، رغبة في الوصول إلى المقامات، وإن كانت غير مروية عند أهل البيت (ع)، وإن كانت منقولة من كتاب لإنسان غير أهل في هذا المجال، وغير مراقب لنظرة وسمعه!..
فيقال -مثلا- كتب في الكتاب الفلاني: أن من قال (يا رقيب) ألف مرة في اليوم، فإنه يصبح مراقبا لنفسه.. فيقرأها عشرات الأيام، ولا يصل إلى شيء من درجات المراقبة في مقام العمل!..
فإذن، ملخص الجواب:
إن الإنسان المؤمن لا ينتظر شيئا ملموسا في سيره إلى الله تعالى، وإنما -دائما وأبدا- ينتظر العناية الإلهية له، في كل الأفعال والتقلبات.