الوصايا الاربعون | الشيخ حبيب الكاظمي
س2/ ذكر في الوصية هذا المعنى: إن الشيطان لا يتوقع الغفلة المطبقة من الإنسان، إنما تكفيه الغفلة الجزئية.. فما هو المقصود من ذلك؟..
إننا لو أردنا عمل مقارنة بين كل الموجودات، من حيث الخبرة، فإن الشيطان يأتي في الرتبة الأولى!.. فإن خبرته في الإغواء لها تاريخ طويل، وتجاربه كانت حتى مع الأنبياء والمرسلين، فله سجل حافل بالإغراءات!.. ومن المعلوم أن نبينا آدم (ع)، أول من وسوس له الشيطان اللعين.
إن من المتعارف في جبهات القتال أنهم يعتمدون على طريقة للكشف عن الثغرات في الطرف المقابل، وقديما كان ذلك من خلال الأبراج، وهذه الأيام عبر الرصد بالأقمار الفضائية.. ومن ثم يستغلون هذه الثغرات لتحقيق مآربهم، والقضاء على العدو بسهولة.
إن الشيطان اللعين أيضا يعتمد على هذه الطريقة، في إغواء الإنسان!.. إذ يقوم بدراسة الثغرات التي في وجود الإنسان، واستغلالها أيما استغلال!.. وغني عن القول أن الشيطان أخبر بالإنسان من نفسه، فهو يعرف أصله وأصل أصله، يعرف سلسلة الآباء والأمهات من لدن أبينا آدم، ويعرف الصفات الوراثية التي يمكن استغلالها، وهل فيه ميل للحدة، أو للغضب، أو للشهوة.. ولا ينتظر منه إلا ساعة غفلة، ليدخل ويعشعش في مملكة وجوده!..
وإن الشيطان يدخل إلى مملكة الإنسان، من خلال هذه الثغرات الثلاث المعروفة:
ثغرة الغضب وتوابعه، وثغرة الشهوة وتوابعها، وثغرة الأوهام وتوابعها..
فالإنسان عندما يغضب، عليه أن ينتبه أن هذه ساعة هجوم الشياطين من ثغرة الغضب.. وعندما يشتهي-الشهوة أعم من شهوة البطن والفرج- عليه أن يعلم أن الشياطين على أهبة الدخول والهجوم!.. وغلبة الوهم، وسوء الظن، والوسوسة، هذه من ثغر الوهم وتوابعه.
فعليه، إن الإنسان يحتاج إلى مراقبة نفسه دائما، وعلى الخصوص في الثغرات الثلاث.