الوصايا الاربعون | الشيخ حبيب الكاظمي
س2/ إن مما يفهم من مضمون كلام الإمام السجاد (ع): أن العبد لو مال بوجهه عن الرب، لمال الرب بوجهه عنه.. هل عدم إقبال العبد في الصلاة، يلازمه دائما عدم إقبال المولى تعالى عليه؟..
لا ملازمة، وإنما هناك ارتباط بين الأمرين، فالذي لا يقبل على الرب، فالرب لا يقبل عليه.. ولكن هناك استثناء، وهو: أن يكون الإنسان قد بذل جهده للإقبال، ولكنه لم يقبل.. فمثلا: إنسان واقع في أزمة اقتصادية أو اجتماعية خانقة جدا، وأراد أن يصلي صلاة خاشعة، وإذا بالخواطر تترى عليه، وهو في كل آن يدفع الخواطر، إلا أنه يخرج من خاطرة، ويدخل في خاطرة أخرى، وطوال الصلاة وهو يدافع الخواطر، وفي النتيجة لم يخشع.
فإن مثل هذا الإنسان معذور؛ لأنه كان في هيئة المقاتلين، وإن هو ما فتح الميدان.. هناك فرق بين إنسان فار من الزحف، وبين إنسان مقاتل فاتح، وبين إنسان مقاتل غير فاتح.. إن الصلاة حرب مع الشياطين، وإن بعض الناس يصلي ويحارب، ولكنه لا يفتح الميدان، فهذا إنسان رب العالمين يحبه على ما هو فيه، لأنه كان في هيئة المقاتلين، وإن لم يكن في مقام العمل من الفاتحين.
فعليه، إن المصلي عليه أن يجاهد الخواطر الاختيارية.. وأما الخواطر غير الاختيارية والقهرية، فلا يؤاخذ عليها، ولا تضر بالصلاة الخاشعة.