قرأنيات | الشيخ حبيب الكاظمي
ما هي الدروس المستفادة من هذه الآيات المباركة؟
إن كثرة الشكوعندما يُظلم الإنسان عندئذ يكون له الحق في أن يشتكي.. وهذه الشكو ينبغي أن تكون في موضعها المناسب فالإنسان; يشتكي عند القاضي من أجل التظلم، ومن أجل أخذ الحق، أو عند مؤمن يمكنه أن يأخذ حقه.. أما الشكو المجردة، من أجل هتك الظالم فقط، فليس معلوم أن هذه الشكو محبوبة عند الله عز وجل
فإذن إن الإنسان إذا لم يُظلم من قبل إنسان، فليس له الحق أن يهتك عيوبه.. وعندما تنهى بعض العوام من الناس عن الغيبة، فإنه يبادر بالقول: إن هذا العيب موجود فيه، وأنا لم أكذب ولم أفترِ.. والحال بأن الغيبة (أن تذكر أخاك بما يكره) أي أن تذكره بعيب فيه.. فإذا كان العيب غير موجود فيه، معنى ذلك أنك مفترٍ عليه.. فإذنن كنت صادقا، فأنت مغتاب.. وإن كنت كاذبا، فأنت مفترٍإن ذكر العيوب الأصل فيه أن يكون ممنوعا، ولكن الشارع المقدس جعل استثناءات: كالمشورة،المظلوم، الإنسان المتجاهر بعيبه الذي هتك ستر نفسه، صاحب البدعة في الدين.. هذه المعاني المطروحة في كتب الفقه هي مستثنيات الغيبة.. فإذا علم الإنسان بأن هذه غيبة، ولكن لا يعلم أنه في القسم المستثنى أم لاأي لا يعلم أن هذه مشورة أم لا.. ولا يعلم أن هذه غيبة صاحب البدعة أم لا.. أو أنه عيب يتجاهر به الإنسان أم لا.. فإذا سئل يوم القيامة عن ذلك، ماذا سيكون جوابه عند الله عز وجل؟.. فإذن إن معنى ذلك، هو أن يعيش الإنسان حالة الوسوسة، عندما يريد أن يتكلم على مؤمن.. فالبعض منا يعيش الوسوسة في القراءة، وفي الطهارة، وفي النجاسات، وما شابه ذلك، ولا يعيش الوسوسة القولية.. والحال أن هذه الوسوسة مقدسة، ومثمرة، ويحبها الشارع.. بخلاف الوسوسة في القراءة، والصلاة.وعليه، فإنه يكفي للمؤمن أن يقول الله عز وجل: لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ أي لا يحب هذا العمل، وبعد ذلك لا يحتاج إلى ذكر العقوبات يوم القيامة.. فالمؤمن العارف، والمريد، والمحب للمولى يكفي أن يعلم بأن الله عز وجل لا يحب هذا العمل، وهنا قمة الإيمان.. نعم، فالقرآن الكريم في آيه أخرى ذكر;{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فهذه لعامة الناس.. أما الخواص فلا يحتاجون إلى تخويف، وإنما يحتاجون إلى أن يعلموا بأن الله عز وجل لا يحب هذا العمل، سواء في قالب الحرام، أو قالب المكروه!.. أو يعلموا بأن هذا الأمر يحبه الله في قالب الواجب أو في قالب المستحب; فإذا تحول الإنسان إلى محب لله عز وجل فإنه لا يبحث عن الحيل الشرعية، ولا يبحث عن الرخص.. صحيح أن كل مكروه جائز، ولكنه لا يفرق بين المكروه والحرام لأن كليهما لا يحبهما الله عز وجل.. وعليه، فإن الآية تبدأ ببداية مؤثرة ومعبرة;" {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ}فما دام المولى لا يحب، عليَّ إذاً أن أتوقف.. سواءعلمت عقاب ذاك الأمر، أو لم أعلم حجم العقاب في هذا المجال
أقرأ ايضا
لشبكة عشق الروحية
{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي}